
الطاقات المتجددة... مستقبل موريتانيا المشرق
بقلم: محفوظ عبدالله أبيبو
طالب ماستر في الفيزياء الطاقوية والطاقات المتجددة
تواجه دول العالم اليوم تحديات متزايدة في مجال الطاقة، تدفعها إلى البحث عن حلول بديلة ومستدامة تقلل من الاعتماد على المصادر التقليدية الملوثة للبيئة. وفي هذا السياق، تبرز الطاقات المتجددة كخيار استراتيجي لبناء مستقبل أكثر أماناً واستدامة. وتُعد موريتانيا من بين الدول التي تمتلك مقومات واعدة في هذا المجال، بفضل موقعها الجغرافي ومناخها الفريد.
فالموقع الصحراوي للبلاد يمنحها واحدة من أعلى معدلات الإشعاع الشمسي في العالم، حيث تتجاوز ساعات السطوع الشمسي 3,000 ساعة سنوياً، ما يفتح آفاقاً واسعة للاستثمار في الطاقة الشمسية. إلى جانب ذلك، تتميز مناطق عديدة من البلاد، خاصة في الشمال والساحل، برياح قوية ومنتظمة تُعد مثالية لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح.
هذه الإمكانيات الطبيعية تضع موريتانيا في موقع مميز يمكنها من التحول إلى مركز إقليمي لإنتاج وتصدير الطاقة النظيفة. فمع ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري والتقلبات الجيوسياسية المرتبطة به، يصبح تأمين مصادر محلية ومتجددة للطاقة أولوية وطنية لضمان الاستقلال الطاقي وتعزيز الأمن الاقتصادي.
وقد بدأت الحكومة الموريتانية بالفعل في اتخاذ خطوات عملية بهذا الاتجاه، من خلال تنفيذ مشاريع طموحة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، في إطار شراكات وطنية ودولية. وتُعد هذه المشاريع بداية واعدة لمسار تنموي جديد يعوّل عليه كثيراً لتحسين البنية التحتية، وتوفير فرص العمل، وتحفيز النمو الاقتصادي، خاصة في المناطق الداخلية والريفية.
إن التحول نحو الطاقات المتجددة لا يمثل فقط استجابة للتحديات البيئية العالمية، بل هو أيضاً فرصة ذهبية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة. فالاستثمار في هذا القطاع الحيوي سيسهم في تقليل انبعاثات الكربون، وتخفيض تكاليف الطاقة، وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
وفي ظل هذه المؤشرات الواعدة، يمكن القول إن موريتانيا تمتلك بالفعل مفاتيح مستقبل مشرق، إذا ما تم استغلال هذه الطاقات النظيفة بحكمة، ووُضعت استراتيجيات واضحة لتطويرها وتوطين التكنولوجيا المرتبطة بها.